الوفاق وصعوبة الحل السياسي التوفيقي
صفحة 1 من اصل 1
الوفاق وصعوبة الحل السياسي التوفيقي
الوفاق وصعوبة الحل السياسي التوفيقي
المشهد السياسي في البحرين أصبح أكثر تعقيدا بعد ضربة الدوار الأولى للمعتصمين في دوار اللؤلؤة في 17\فبراير\2011 وما نتج عنها من وقوع أربعة شهداء وعشرات الجرحى ، الأمر الذي دفع بآلاف المعتصمين في وسط العاصمة المنامة برفع سقف مطالبهم من إصلاح النظام إلى إسقاطه ، وهو ما تمثل عمليا في مسيرات وبيانات المعارضة الحاسمة بقيادة المشيمع في السعي لإقامة الجمهورية الديمقراطية بدلا من الملكية الديكتاتورية .
لم تكن تتصور السلطة في البحرين بأن رياح ثورات الربيع العربي ستصل سريعا إلى سواحلها وستعصف بها - رغم وجود واقع سياسي يتصف بالاستبداد والظلم والتمييز الطائفي - لأن أكبر جمعية سياسية معارضة كانت تفرض سيطرتها على شيعة البحرين ، لم تكن داعمة بصورة حقيقية للدعوات الشبابية الواسعة التي إنطلقت على شبكات التواصل الاجتماعي الحديثة ليوم الغضب البحريني في 14 فبراير 2011 ، بل كانت مؤمنة بالتغيير من داخل قبة البرلمان رغم إستحالته .
تدرك السلطة جيدا أن البحرين لم تعد كما كانت قبل 14 فبراير ، حيث خط الممانعة في المعارضة وقف على قدميه ، وأثمرت جهود حركة حق في دفع الشباب للإنتفاضة على الواقع السياسي (الزائف\البائس) وأن حركة شبابية ثورية متمثلة في حركة 14 فبراير قلبت الموازين السياسية رأسا على عقب . كما تدرك السلطة أن التعويل على جمعية الوفاق ومن خلفها الزعامة الدينية للخروج من مأزقها - بعد 14 فبراير - لم يعد سهلا وممكنا إلا بقبول المعارضة الحاسمة المتمثلة في حركة 14 فبراير ومن خلفهم الرموز السياسية في السجون الخليفية .
لا شك أن تعامل النظام الحاكم بغطرسة ووحشية وحقد مع ثورة 14 فبراير ، ودعوته لدخول الجيش السعودي لأراضي البحرين ، زاد من تعقيد الوضع السياسي كثيرا ، وأنهى أى ثقة بين الأسرة الحاكمة وأغلبية شعب البحرين .
الجمعيات السياسية المعارضة بقيادة الوفاق تتبنى منهجية سياسية مختلفة عن المعارضة الحاسمة ، وهذه المنهجية السياسية التي تقوم على مبدأ عدم التصادم المباشر والواسع مع السلطة ، في مقابل تقوية نظرية التغيير من داخل البرلمان والتقرب قدر الامكان من جناح الملك وابنه ولي العهد ، إضافة إلى توسيع العلاقات الدولية ، خصوصا مع الأمريكان . هذه المنهجية السياسية للجمعيات والتي ترسخت منذو قبولها بقانون الجمعيات في سبتمبر 2005 إصطدمت بواقع سياسي جديد فرضته المعارضة الحاسمة عليها بعد 14 فبراير ، مما جعلها تبدو ضعيفة ومرتبكة في الكثير من مواقفها وقراراتها . فهي -أي الجمعيات السياسية- رغم أنها وقفت مع ثورة 14 فبراير ، إلا أنها تبنت موقفا آخر مغاير لأصحاب الثورة ، يتمثل في شعار إصلاح النظام وليس إسقاطه ، ولكن جوهر المشكلة بين الخطين لا يكمن في إختلاف الشعارين ، بقدر ما يكمن في جدية التحرك والتضحية وتحمل المسؤلية الوطنية ، وفي الالتزام بما يرفع من شعارات ومطالب وحقوق ، وفي عدم التنازل عنها إلى آخر مراحل الصراع مع السلطة .
سعت الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق -ولا زالت تسعى- في الدخول في حوارات مع السلطة ورموزها منذو بداية الثورة وإلى اليوم ، بعيدا عن الطرف الآخر في المعارضة والتنسيق معه ، إلا أنها فشلت في التوصل إلى تسوية سياسية مع السلطة . ليس لأن السلطة متصلبة ومتشددة ولا تريد أن تقدم بعض التنازلات فقط ، بل أيضا تدرك الجمعيات السياسية-خصوصا الوفاق- أنها تعيش في واقع سياسي صعب ومعقد بعد 14 فبراير، وأنها لم تعد تملك السيطرة على أغلب جماهير المعارضة ، وأن النظام الحاكم أرتكب جرائم بشعة ووحشية في حق شعب البحرين ، لذلك كله لن تقبل جماهير المعارضة بحل سياسي ضعيف ، وبتسوية سياسية لا تلبي طموحهم .
الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق حائرة ، كيف تتوصل إلى تسوية سياسية ما ، يقبل فيها النظام الخليفي الحاكم ، وتقتنع منها في نفس الوقت جماهير المعارضة ! وهنا يكمن صعوبة الحل السياسي التوفيقي الذي تسعى إليه الجمعيات السياسية بقيادة الوفاق .
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى